التعلم بين الرغبة والعجز

التعليم أساس تقدم الأمم

التعلّم بين الرغبة والعجز يعد من الظواهر التي تواجه العديد من الأفراد في المجتمعات النامية. فبينما توجد رغبة قوية في اكتساب المعرفة والمهارات، يقف العجز – الناجم عن عوامل اجتماعية ونفسية واقتصادية – حاجزًا أمام تحقيق هذه الطموحات التعليمية. هذا التوازن الدقيق بين الرغبة والعجز يؤثر بشكل مباشر على فرص التقدم والتنمية.

يعتمد تقدم أي أمة على مستوى التعليم بين أفرادها، وعلى نسبة الأمية بينهم. فالدول المتقدمة تُقاس قوتها وتميزها بمستوى تعليم شعوبها. ويظهر الفرق بينها وبين الدول الأقل نموًا من خلال مدى اهتمامها بالتعليم والتعلم.

هذا الاهتمام ينبع من رؤية استراتيجية نحو النمو والتنمية، وهو انعكاس لإدارة واعية تضع التعليم في مقدمة أولوياتها. فحين تحظى الدول بإدارة تقدر العلم، تنعكس هذه النظرة إيجابيًا على جميع مجالات الحياة.

الشباب بين الطموح والواقع

في سياق التعلّم بين الرغبة والعجز، تظهر معاناة الشباب في محاولتهم تحقيق طموحاتهم التعليمية، بينما يواجهون عوائق نفسية واجتماعية واقتصادية تقيد إمكاناتهم.

رغم وجود الرغبة لدى كثير من الأفراد، إلا أن هناك العديد من العوامل التي تقف عائقًا أمامهم، فتتحول هذه الرغبة إلى عجز يصعب تجاوزه. ومع ذلك، يمكن التغلب على بعض هذه العوائق من خلال طريقة تفكير مختلفة ونظرة أكثر وعيًا للمستقبل.

أبرز العوائق التي تهزم الرغبة

1. غياب الدافع بسبب تجارب سابقة

الشعور بالإحباط وفقدان الحافز من أبرز الأسباب. كثير من الأفراد يتأثرون بإخفاقات من سبقوهم في خوض التجربة التعليمية. عندما يرون أن هؤلاء لم يتمكنوا من تحقيق تقدم شخصي أو مجتمعي، تتقلص لديهم الرغبة في المحاولة. وغالبًا ما تكون هذه التجربة مكلفة، مما يزيد من ترددهم وخوفهم من الفشل.

2. النجاحات السريعة والوهمية

من العوامل المؤثرة أيضًا، تلك النجاحات التي يحققها بعض الأفراد دون تعليم، خاصة عندما يكونون من أسر تملك المال أو النفوذ. هؤلاء يُنظر إليهم كأمثلة ناجحة، رغم أن نجاحهم لم يعتمد على التعليم. هذا يدفع البعض إلى اختصار الطريق، عبر الهجرة أو دخول سوق العمل الحر دون خبرة، طمعًا في نتائج سريعة.

لكن النتيجة غالبًا ما تكون صراعًا نفسيًا وجسديًا، يعود بهم إلى نقطة البداية. بل وقد يؤدي هذا الصراع إلى فقدان الثقة والطموح، والتأثير السلبي على الشخصية والمجتمع.

الرغبة بحاجة إلى دعم

ليس الهدف من سرد هذه العوامل هو الإحباط، بل تسليط الضوء عليها كخطوة نحو العلاج. فالفرد في المجتمعات الأقل تقدمًا يعيش في حالة من الرغبة والعجز في آنٍ واحد. وقد يعجز عن تحقيق أبسط الطموحات الشخصية، ما ينعكس لاحقًا على مجتمعه ككل.

لكن الحديث عن هذه التحديات وفتح النقاش حولها، يُعد بحد ذاته وسيلة دعم غير مباشر. إذ قد يدفع ذلك الأفراد نحو إعادة التفكير في خياراتهم، واكتساب المهارات التي تمكنهم من الإسهام في الإنتاج والتنمية، مما يؤدي بدوره إلى تحسين واقعهم الشخصي والمجتمعي.